المشاركون ينصتون إلى المحاضرين حول العدالة على أساس النوع الاجتماعي |
افتتحت السيدة سناء بن عاشور عضو الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات الجلسة معرفة بالمجهود الذي تقوم به جمعيتها من أجل القيام بمهمة تقصي الحقائق في المدن التونسية الداخلية التي اقترفت فيها أعمال عنف خطيرة.
وأشارت السيدة بن عاشور إلى أنّ الشهادات التي جمعتها لجان تقصي الحقائق حول أعمال العنف لا تشير في الغالب إلى عناء النسوة اللائي يشكون من بعض الاعتداءات ذات الطبيعة الخاصة خصوصا منها ما يستتبع أعمال عنف جنسيّ. وعديدة هي هيئات تقصي الحقائق التي لا تلتزم الإنصاف بين الرجال والنساء سواء من جهة عضويتها والطرق المستخدمة في تسيير أعمالها. وهو ما لا يمكّنها أحيانا من أن تعالج بعض المظاهر الخصوصية مما تذهب المرأة ضحية له.
إنّ العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي متغلغل داخل منظومة المجتمع الأبوي في تونس وهو ما يجعله يتسم بطابع جماعي كما ذكرت الأستاذة بن عاشور. وشددت على أن الحاجة ملحة من أجل كسر جدار الصمت الذي يحيط بالعنف المسلط على النساء وذلك بهدف إظهار التضامن معهن وتعزيزهن حتّى يتمكنّ من الدفاع عن حقوقهنّ.
وقد ذكرت السيدة بن عاشور أن النشاط النسوي ما فتئ يقوى في تونس ويشتد، ولعل أولويته الأولى تتمثل في الوصول إلى الحقيقة بخصوص تحوّل المرأة إلى ضحية واحترام حقوقها وكرامتها احتراما كاملا.
أما السيدة كيلي مودل المديرة التنفيذية لبرنامج العدالة على أساس النوع الاجتماعي في صلب المركز الدولي للعدالة الانتقالية فقد بينت أنّ النساء يشكون في الغالب من أشكال العنف نفسها تماما مثل الرجال، غير أن معاناتهن تبقى في أكثر الأحيان أمرا خفيا عير منظور.
وتوجد في الآن نفسه مميزات خاصة من العنف الذي يستهدف النساء من قبيل العنف الجنسي وإرغام المرأة على الإنجاب والحمل القسري والعقم القسري مع ما يستتبعه كل ذلك من نتائج فريدة من نوعها بعيدة الأمد تنعكس على الضحايا. فهي تتضمن في غالب الأحيان أنماطا من الاحتقار لأفراد المجتمع قاطبة وتعاقب النسوة من أجل أنشطتهن السياسية الخاصة أو بسبب انتمائهنّ السياسي.
وعندما يتصل الأمر بآليات العدالة الانتقالية فإن النساء لا يكنّ في الغالب ممثّلات تمثيلا ملائما ضمن الاستشارات المفضية إلى وضع التدابير، وهو ما كان يمكن أن ينجر عنه مباشرة إلغاء الانتهاكات التي تؤثر فيهن أكثر من غيرها وتوفير حاجتهن غير المعترف بها. وتعود أسباب هذا الأمر إلى أن النساء يصبحن مقصيات من المفاوضة أو من مسارات السياسة رغم انخراطهن في الثورات أو في توفير حالة السلم.
وعندما تصاغ تدابير العدالة الانتقالية صياغة سليمة من أجل التوجه إلى أشكال مخصوصة ونتائج معينة منجرة عن العنف ضد النسوة فإنها بذلك يمكن أن تحمي العدالة من انتهاكات حقوق الإنسان الخاصة بالأفراد، ولكن يمكن أيضا أن تتسبب في عدم التكافؤ الذي يؤجج نار النزاعات أو الاعتداءات بالدرجة الأولى.
وواصلت السيدة مودل في تفصيل القول في بعض الأمثلة التي تبين كيف أن مختلف آليات العدالة الانتقالية يمكن أن تناهض العنف الموجه نحو النساء وأن تحمي مشاركتهن.
أما السيدة آمنة قلالي وهي محللة ضمن مكتب مدعي الحق العام بمحكمة الجنايات الدولية فقد قدمت ملخصا عاما عن إدارة شؤون القضاء ضمن المحاكم الدولية التي تتعامل مع الجرائم المرتكبة ضد النساء بما في ذلك قوانين الوطن الداخلي حيث يُعتبر الاغتصاب جريمة من جرائم الإبادة الجماعية (ICTR) ثم جريمة ضد الإنسانية (ICTY) . وشددت السيدة قلالي على أن هذه الأمور لم تكن مجرد مسائل قانونية تقنية بل إنها تمس بالحقيقة التي مفادها أنّ النساء يستهدفن استهدافا موسعا.
ففي المحكمة الجنائية الدولية منحت هذه الجرائم اهتماما خاصا على المستوى الجوهري وذلك عبر إدراج جرائم تستهدف النساء ضمن مركزها القانوني وذلك إلى جانب تطورات حداثية تتضمن الجرائم المرتكبة لأسباب جنسية. فعلى مستوى المؤسسات أنشأت محكمة الجنايات الدولية عديد الوحدات المتخصصة حتى تكون قادرة على التعامل مع الجرائم المرتكبة على أساس النوع الاجتماعي. وقد اتخذت الإجراءات من أجل أن يتوفر لمحكمة الجنايات الدولية موظفون قادرون على العمل مع ضحايا الاعتداءات الجنسية وهم يحمون وجودهم.
وطرح النقاش الذي تلا المحاضرة مسألة تمثيل النساء في مختلف الهيئات التي تشكلت بالبلاد التونسية وذلك بعد إجراء الاستشارات اللازمة وقدرتها على النظر في العنف الجنسي والأشكال المخصوصة من العنف الموجه ضد المرأة وخصوصا منها تلك التي جدت في فترات التظاهر، وكذلك نقص حرية النساء حتى يعبرن عن العنف الذي يشكون منه. وبالإضافة إلى كل ذلك ناقش المشاركون تعامل القضاء مع العنف الذي يستهدف المرأة في سياق التحول الذي تعيشه البلاد التونسية والمحاسبة العامة للنساء المتزوجات من مرتكبي الانتهاكات.
No comments:
Post a Comment